-هل لانفجار فقاعة الذهب ارتباط بأسعار النفط، بحيث أن ارتفاع النفط سيعجل بهذا الانفجار؟
لا، ليس هناك هذا الارتباط المفترض بين انفجار فقاعة الذهب وارتفاع أسعار النفط، بالعكس، طالما استمرت الأزمة، سوف يصاحب ارتفاع أسعار النفط ارتفاعا أيضا في أسعار الذهب. الدليل التاريخي المتاح يثبت لنا أن هناك علاقة طردية بين سعر النفط وسعر الذهب، أي أنه مع ارتفاع أسعار النفط، ترتفع أيضا أسعار الذهب، ويمكن تفسير هذه العلاقة الطرية من خلال عدة تفسيرات، الأولى هي ان زيادة أسعار النفط سوف تؤدي إلى زيادة المدخرات في الدول النفطية وارتفاع مستويات الثروات، ومن ثم زيادة الطلب على الأصول والتي منها الذهب، والثانية هي ان ارتفاع أسعار النفط هو في أغلب الأحوال دليل على انتعاش الاقتصاد العالمي وهو ما يؤدي إلى زيادة الطلب على الأصول والتي منها الذهب، والثالثة وهي أنه مع ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات مرتفعة تزداد المخاطر المحيطة بالاقتصاد العالمي، فيزيد الإقبال على الأصول التي تقدم أمانا أكبر للمستثمرين فيها، وأهمها الذهب. من المؤكد أنه عندما تنتهي الازمة سوف تبدأ عملية التصحيح في سعر الذهب، ولكن انتهاء الازمة سوف يصاحبه ايضا ارتفاع اسعار النفط، (أي توافر بعض الضغوط على الذهب نحو الارتفاع)، الاثر النهائي على سعر الذهب هو صافي تأثير النوعين من الضغوط، ضغوط التصحيح وضغوط سعر النفط.
-متى سيحدث انفجار فقاعة الذهب إذن؟
من المفترض ان تنفجر فقاعة أسعار الذهب عندما تنعكس العوامل المسئولة عن تكون الفقاعة حاليا، بصفة خاصة استعادة مستويات النشاط الاقتصادي في الدول الصناعية ومن ثم انخفاض مستويات المخاطر التي تحيط بالاقتصاد العالمي، وعودة معدلات الفائدة إلى مستوياتها قبل الأزمة مرة أخرى، حيث تبلغ هذه المعدلات حاليا صفرا تقريبا مما يجعل الاحتفاظ بالمدخرات في الأصول المدرة لإيرادات في شكل فائدة أمرا غير مجد من الناحية الاقتصادية، وعندما تتلاشى التوقعات التضخمية المنتشرة الآن بين الكثير من المستثمرين، بصفة خاصة تلك المرتبطة بالدولار الأمريكي. عندما تتحقق هذه الشروط سيبدأ انهيار اسعار الذهب، بمعنى آخر، عندما تبدأ بوادر انتهاء الازمة الاقتصادية العالمية، ستنتهي الفقاعة الحالية لسعر الذهب.
-هل سيؤدي انفجارها إلى انتعاش أسواق الأوراق المالية؟
من حيث المبدأ تعد الأموال المستثمرة في الذهب مجرد مدخرات عقيمة وغير منتجة، لأنها مستثمرة أساسا في اصل غير منتج وهو الذهب، حيث أن الذهب كأصل استثماري لا يدر، بذاته، أية عوائد (إذا ما استثنينا ارتفاع أسعار الذهب وهو العائد الأساسي الذي يسعى المضاربون نحو تحقيقه من امتلاك الأصل)، وهذه تمثل مصادر الخطورة المصاحبة لتكون فقاعة الذهب، أي تحول الأموال عن مسارها المفترض، من استخداماتها في عمليات الاستثمار المنتج المدر للدخل والذي يوفر فرص لزيادة الانتاج والتوظف ومن ثم النمو، إلى تخزينها (أو بالأحرى اكتنازها) في اصل عقيم مثل الذهب، ولذلك يحرم الدين اكتناز الذهب والفضة، لأنه حبس للمال في غير محله الواجب استخدامه فيه، وهو تنمية عمليات الإنتاج ورفع مستويات التوظف وزيادة معدلات النمو.
انفجار فقاعة الذهب وبدء تحول العالم بصورة جزئية عن امتلاك الذهب كأصل استثماري سوف يؤدي إلى تحرير المدخرات المستخدمة حاليا في المضاربة عليه، ومما لا شك فيه أن ذلك سوف يساعد على تحويل الكثير من المضاربين من سوق الذهب إلى أسواق الأصول المنتجة، الأمر الذي سوف يساعد على انتعاش أسواق الأصول الأخرى بصفة خاصة سوق الأوراق المالية.
-كثير من أموال الحكومات الخليجية، وأيضا مستثمرين توجهت إلى الذهب، هل الوقت المناسب الآن لبيع الكميات لكبيرة منه قبل الانهيار؟
ليس لدي أي دلالات تشير إلى قيام حكومات الدول الخليجية باستخدام أموالها في شراء الذهب، باستثناء قطر التي رفعت رصيدها الذهبي في عام 2007 من حوالي نصف طن إلى حوالي 12 طنا، لكن من المؤكد ان الكثير من أصحاب الثروات الخاصة في الخليج يضاربون في الذهب، أما عن التساؤل حول ملائمة الوقت الحالي لبيع الذهب، فإن الإجابة هي بالتأكيد لا، ففي الوقت الحالي ما زالت الضغوط التي تعمل على رفع سعر الذهب مستمرة وليس هناك بوادر حول انعكاس مسارها في الأجل القصير، فما زالت الأزمة مستمرة، وليس هناك شواهد تشير إلى انتهاءها في 2011، نظرا للمخاطر الحالية الكامنة في الاقتصاد العالمي، والناشئة عن المشكلات التي تواجه أوروبا والمرشحة لأن تنفجر في أي وقت، ولكن من المؤكد أنه عندما يبدأ العالم في الخروج من الأزمة، وعندما تتدعم بوادر تحسن الأداء على المستوى الدولي، وعندما تتلاشى التهديدات باحتمال حدوث تراجع، أو كساد، مزدوج، عندها ستقل الحاجة الى الذهب كأصل آمن في اوقات المخاطر، ومن ثم ستبدأ رحلة انهيار أسعار الذهب، ولكن ذلك لا يحدث حاليا، حتى ننصح ببيع الذهب.
-هل ستدعم أمريكا انفجار “الفقاعة”، أم أنها ستقف ضد إنفجارها، وهل الأمر ينطبق أيضا على الصين وروسيا والهند؟ كيف ترى حجم الذهب لدى الحكومات الخليجية، وهل تعتقد أن عمليات شراء من قبلها كانت مناسبة؟
الدول بشكل عام لا تدعم فقاعة أو تقف ضد انفجارها، فالأصول التي يتم المضاربة على أسعارها مثل الذهب والفضة، هي بشكل عام قرارات فردية أو مؤسسية خاصة، وليست قرارات حكومية، ولا توجد دولة في العالم حاليا يعرف أنها تضارب في الذهب بشراء كميات كبيرة منه لأغراض المضاربة، بالطبع بعض البنوك المركزية في خضم الفقاعة الحالية قامت بشراء كميات من الذهب، مثل الهند وسري لانكا وموريشيوس، ولكن ذلك ليس بهدف المضاربة، وإنما بهدف تنويع احتياطيات هذه الدول، ولقلة خبرة هذه الدول بالذهب كأصل احتياطي، فالبنوك المركزية لدول العالم المتقدم، والتي لديها خبرة طويلة بالذهب كأصل احتياطي، اكتشفت انه لم يعد له دور في غطاء عملاتها، فعملت على التخلص منه ببيعه في الأسواق، غير ان ارتفاع أسعار الذهب والذي بدأ تقريبا بعد أحداث سبتمبر 2001، ساعد على توقف هذا الاتجاه، أما أكبر العمليات بيع الذهب رسميا التي تتم حاليا، فهي مزادات بيع الذهب التي يقوم بها صندوق النقد الدولي الذي يسعى إلى بيع حوالي 2000 طن من رصيده الذهبي، في إطار برنامج مبيعات الذهب، والذي يهدف إلى زيادة الموارد المالية للصندوق لزيادة قدرته على إقراض الدول، وقد تم بالفعل بيع حوالي 400 طن في المرحلة الأولى من البرنامج. صندوق النقد الدولي، أكبر مؤسسة نقدية في العالم، يرى في الذهب اصل عقيم وغير منتج، ولذلك يتخلص منه.
احتياطيات الذهب المتاحة حاليا هي أن أكثر دول الخليج احتفاظا بالذهب هي المملكة العربية السعودية والتي تبلغ احتياطياتها الذهبية 322.9 طنا، وهي بهذا الشكل تعد الدول رقم 16 بين أكثر دول العالم احتفاظا بالذهب، تليها الكويت باحتياطيات ذهبية تبلغ 79 طنا من الذهب، ثم قطر 12.4 طنا. باقي الدول الخليجية لا يتوافر لها بيانات عن مستويات احتياطياتها الذهبية، أو لا يوجد لديها رصيد ذهبي على الإطلاق، مثل سلطنة عمان.
-عند انفجارها ما هي الأضرار التي ستترتب على منطقة الخليج (حكومات ومستثمرين)؟.
ليس هناك أضرار ستحدث للحكومات من انهيار سعر الذهب، لأن الحكومات لا تضارب في الذهب، كما أشرنا سابقا، الذي سيتأثر بصفة أساسية هم المستثمرين الأفراد والمؤسسات المالية التي تضاربفي الذهب، جريا وراء سراب الارتفاع الأبدي لسعر الذهب. ومن المعلوم أنه لا يوجد اصل في الدنيا تستمر أسعاره في الارتفاع إلى ما لا نهاية، بما في ذلك الذهب. نحن نعيش حاليا نفس الظروف التي كان العالم يعيشها في أوائل الثمانينيات، عندما انتشرت حمى الذهب في العالم، حتى انهار سعر الذهب بصورة مروعة متسببا في خسائر هائلة للمستثمرين فيه، والذين وثقوا في أن الذهب هو الأصل الذي لا يمكن ان تتراجع أسعاره عبر التاريخ، واهمون، فالأحداث التاريخية تثبت عدم صحة مثل هذا الاعتقاد الذي يروج له حاليا.
الذي سيدفع ثمن انفجار فقاعة أسعار الذهب هم المستثمرين الأفراد للأسف، لأن المستثمرين المؤسسيين (مثل صناديق المتاجرة في المعدن)، لديهم استراتيجيات فعالة للدخول وللخروج في التوقيت المناسب لذلك لتدنية خسائرهم نتيجة المضاربة في المعدن، بينما لا تتوافر مثل هذه الاستراتيجيات للمستثمرين الفرادى، فهم للأسف من سيتحمل ثمن الفقاعة الحالية، أو من سيدفع الثمن في المستقبل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق