تجار توقعوا لـ«الشرق الأوسط» قبل 4 أشهر أن يخترق الذهب حاجز 1300 دولار
قفزت أسعار الذهب، أمس، إلى مستوى تاريخي جديد عند 1300 دولار للأوقية وسط قلق بشأن الاقتصاد العالمي، لتبلغ نسبة الارتفاع هذا العام نحو 16 في المائة حتى الآن، إذ دفعت المخاوف بشأن قوة الاقتصاد العالمي والمزيد من برامج التيسير الكمي في الولايات المتحدة، دفعت المستثمرين إلى الإقبال على المعدن النفيس كملاذ آمن، بينما تتضافر عوامل كثيرة لتشير إلى أن الثقة بالاقتصاد العالمي في أسوأ أحوالها، مما يعكسه هذا الارتفاع الجنوني في أسعار الذهب والإقبال عليه للاستثمار كملاذ آمن ومفضل عن العملات والأسهم والنفط.
وكانت «الشرق الأوسط» قد أجرت قبل 4 أشهر في مايو (أيار) الماضي مسحا شمل 25 شخصية من كبار التجار والمختصين والخبراء العاملين في قطاع الذهب للوقوف على توقعات السوق لما قد تصل إليه أسعار الذهب.
وتوقع معظمهم أن يشهد العام الحالي والأشهر الأولى من عام 2011 ارتفاع الذهب إلى أعلى مستوياته، متأثرا بارتفاع الإقبال عليه كاستثمار قليل المخاطر بدفع من أزمات اقتصادية وسياسية متوقعة في المنطقة وأوروبا.
ورجح 20 ممن استطلعت «الشرق الأوسط» آراؤهم أن يصل الذهب إلى مستويات قياسية خلال العام الحالي ليحقق قيمة وسطية تقترب من 1300 دولار للأونصة، بينما توقع 3 من الذين استطلعت آراؤهم أن يشهد الذهب تراجعا لأقل من 1000 دولار للأونصة مع نهاية النصف الأول من 2011، بينما لم تستبعد نسبة صغيرة من المستطلعين أن يخترق الذهب حاجز 1500 دولار للأونصة متأثرا بأزمة ما، الأمر الذي لم يستبعده أحد على اعتبار أن «كل شيء وارد».
وفي حين أن عشرين شخصية من مجموع من شملهم مسح «الشرق الأوسط» رجحوا ارتفاعا في سعر الأونصة باتجاه 1300 دولار خلال العام الحالي، إلا أن معظم الآراء ربطت هذا الارتفاع القياسي المتوقع بتراجع تدريجي قد يبدأ مع نهاية النصف الأول من 2011 ويعود بالذهب إلى مستويات 1100 دولار.
وكان واضحا حينها من خلال نتائج المسح أن أمرين أساسيين يخيمان على ارتفاع أسعار الذهب ويدفعان إلى القلق من تذبذب أسعاره: الأمر الأول هو حرب على إيران أو فرض عقوبات عليها، والأمر الثاني أزمة اليونان وقدرتها على تسديد التزاماتها والخشية من إعلان دول أوروبية أخرى عن أزمات مشابهة، وهو ما يقلق العالم خلال الفترة الراهنة. إضافة إلى المضاربة التي تسببت في تضرر أعداد كبيرة من المستثمرين في القطاع.
وكما يبدو، لا تزال العوامل ذاتها تؤثر في أسعار الذهب مع استمرار الحديث المستمر عن حرب تستهدف مفاعلات إيران النووية، مقابل اهتزاز عدة اقتصادات أوروبية متأثرة بتداعيات أزمة اليونان المالية، بينما يشهد الاقتصاد الأميركي تباطؤا ملحوظا، إضافة إلى ظهور تباطؤ في البيانات الاقتصادية لعدد من الدول بما في ذلك الأسواق الناشئة وخاصة الصين، إضافة إلى أسواق متقدمة مثل الولايات المتحدة، وفقا لخبراء اقتصاديين.
ومما أثر في أسعار الذهب - أيضا - بشكل رئيس الطلب العالي عليه وتحديدا من الهند، في هذه الفترة التي تعتبر موسما للاحتفالات الدينية الهندوسية وموسم الزواج في الهند والتي تجري الشهر الحالي، وفقا لطارق مدقة المدير العام لمجموعة «كالوتي» للمجوهرات، التي تتخذ من دبي مقرا لها.
يضاف إلى ذلك نقص الإمداد من المناجم والخوف المتصاعد من فشل الحكومات في تسديد التزاماتها، كما يحدث مع اليونان، والحديث عن دول أوروبية أخرى قد تعيد سيناريو اليونان، وهو ما قد يتضح أكثر خلال النصف الأول من العام القادم.
وبشكل تفصيلي أكثر أثر ضعف الدولار بقوة على الأسعار، من منطلق أن الدولار الأميركي إذا لم يكن يحقق عوائد كما هو الحال الآن يلجأ المستثمر إلى الذهب كملاذ آمن، والذهب ينحو باتجاه الارتفاع كلما صدرت مؤشرات تباطؤ أو نتائج ضعيفة عن النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة الأميركية، بينما يأتي ارتفاع أسعار البترول ليؤثر على أسعار الذهب أيضا. ويشير محمد حسين الزبير، المدير العام لمصفاة الغيث للذهب في دبي، إلى أن ارتفاع أسعار اليورو قد يؤدي إلى انخفاض سعر الدولار، وبالتالي ارتفاع أسعار الذهب لأنه مسعر بالدولار، إلى ذلك يترافق ارتفاع أسعار الذهب مع التراجع في نشاط أسواق الأسهم العالمية والمحلية، الأمر الذي يدفع الكثير من المستثمرين إلى تحويل استثماراتهم لشراء الذهب.
وتأرجح الذهب بين 1125 دولارا و1184 دولارا خلال أبريل (نيسان) الماضي وحقق أعلى ارتفاعات خلال الشهر الحالي ليخترق حاجز 1300 دولار، وسط أجواء من الترقب لأزمة اليونان واحتمال أن تعلن دول أوروبية أخرى كإسبانيا عن أزمات ديون ستكون كفيلة بدفع الذهب إلى مزيد من الارتفاع، في وقت كثر فيه الحديث عن احتمال اهتزاز منطقة اليورو ككل. كما أن ضعف سعر الدولار المستعمل في تقييم الذهب ساعد في زيادة الإقبال على الشراء، مما جعل الذهب استثمارا مغريا.
يشار إلى أن الاستطلاع، الذي أجرته «الشرق الأوسط» من خلال المقابلات الشخصية، شمل 25 شخصية متخصصة بقطاع الذهب تنوعت بين أصحاب شركات ومديرين ورؤساء تنفيذيين وخبراء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق