الأربعاء، 25 نوفمبر 2009

الذهب متجه إلى صعود قرب 1500 دولار


الأربعاء, 18 نوفمبر 2009

د. عبدالله مرعي بن محفوظ





في منتصف عام 2004م قام احد تجار الذهب السويسريين في جنيف بزيارة إلى تجار الذهب في جدة ، وكان ضمن الموجودين الوالد ،وكان اللقاء للتباحث حول مشتريات الذهب ومدى إمكانية عمل مصنع في دبي لسك جنيهات الذهب والفضة ، واللقاء كان بعد أن هوى الذهب لمستويات قياسية خلال عام 2004 م حين أعلن البنك المركزي السويسري بيع كميات من الذهب لغايات تغطية نفقات الدولة ، وقال في الاجتماع إن الذهب سوف يتحول في السنوات القادمة إلى معدن مثل بقية المعادن – النحاس – مثلاً ، ولن يعتبر في المستقبل ملاذاً آمناً مثل السابق لدخول السندات الحكومية وتداول الأسهم مكان الذهب في تحريك الأموال ، فرد عليه الوالد وقال : إذا كان الله سبحانه وتعالى وعد المؤمنين في الجنة بقوله تعالى ( إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ) ، تأتي أنت وتقول إن الذهب سوف يصبح مثل النحاس ؟ وقتها هناك من اخذ بنصيحة التاجر السويسري والآخر الذي استمر بنفس وتيرة عمله في البيع والشراء ، ومع السنين اتضح أن نصيحة الخبير السويسري غير موفقة في حينها، فنحنُ في نهاية عام 2009م ، وتبين أن هناك اهتماماً قوياً من المستثمرين في العالم للذهب ، وقد يصل خلال هذا العام إلى 1200 دولار للأونصة، ومن المحتمل أن يصل إلى 1500 دولار للأونصة على المستوى البعيد، خاصة بعد اكتشاف المستثمرين مجدداً أنه الملاذ الآمن وقت الأزمات، وهي الصفة التي حاول البعض أن ينفيها عنه في الفترات السابقة. وثبت خلال الشهرين الماضيين عن قيام مستثمرين سعوديين بشراء كميات كبيرة من الذهب بلغت نحو 170 طناً، بقيمة تصل إلى 22.5 بليون ريال، عبر بنوك أوروبية وشرق آسيوية في واحدة من أكبر المشتريات على مستوى العالم خلال الفترة الماضية، وأصبحت السعودية في المرتبة الثانية بعد صفقة الهند مع صندوق النقد الدولي الذي باع 200 طن من الذهب إلى بنك الاحتياط الهندي في مقابل 6.7 بليون دولار (25 بليون ريال). طبعاً من النظرة الأولى نجد أن الاتجاه إلى الذهب كان بسبب انهيارات الأسهم والتضخم وسوء الأوضاع الاقتصادية العالمية وكذلك إلى وجود نوايا حقيقية من البنوك المركزية في عمل نوع من الموازنة في احتياطاتها، إضافة إلى مؤثرات اقتصادية مثل زيادة معدل البطالة في الولايات المتحدة الأمريكية، الذي جاء أسوأ من المتوقع، ووصل إلى أعلى قيمة له منذ ربع قرن عند 10.2 في المائة ، ومعدل البطالة ألقى بثقله على الدولار ليمنعه من أي انتعاش، إضافة إلى التصريحات المتشائمة حول أداء الاقتصاد العالمي التي تتوقع له الاستمرار في السوء خلال 2010. ومن النظرة الثانية من الواضح أن سوق الذهب العالمي مثله مثل سوق النفط العالمي يخرج من عباءة النظريات الاقتصادية إلى مراقبة الأوضاع السياسية في العالم الثالث ، لتقوم الحالة السياسية بالدور الأكبر في تفعيل ارتفاع أسعار الذهب ، حيث تقوم الصين والهند بتفعيل حركة صعود وهبوط الذهب من خلال المشتريات الضخمة في السنوات الأخيرة ، وهذا الشراء يعكس أموراً سياسية واقتصادية للقوة القادمة أمام الدولار . أما إذا أخذنا بمعايير اقتصادية خلال الأشهر القادمة فثمة أمور تفيد بتصحيح ونمو عام سوف يسيران بــ(قاطرة) الذهب خلال عام 2010م، والتصحيح يأتي لعدة عوامل أساسية وهي في رأيي اقرب إلى الواقع بدلا من الاعتماد على الأوضاع السياسية وهي كالتالي: اولا : من الواضح إن الارتفاع واكب هبوط قيمة الدولار الأمريكي ، بينما هناك عملات دولية لم تتأثر بارتفاع الذهب مثل الفرنك السويسري والين الياباني واليورو الاوروبي ، وهذا يعطي دلالة بأن الارتفاع ارتبط فقط بهبوط الدولار في هذا المرحلة الحالية . ثانياً : الذهب من المعادن المرتبطة جداً بالفضة والبلاتين ومع ذلك لم ترتفع هذا المعادن ولو بصورة منطقية مع الارتفاع الكبير للذهب . ثالثاً : لم ترتفع أسهم شركات التعدين في الذهب بشكل منطقي ومقارب مع ارتفاع ثمن اونصة الذهب خلال الأربعة الأشهر الأخيرة من عام 2009م . أما النمو العام المتوقع في الربع الثاني إلى نهاية عام 2010م ، فيعود إلى عوامل التضخم وسوف تجدها في الانترنت بموقع US Inflation Calculator measures لحساب اثر التضخم على معدن الذهب ، سوف تجد إن سعر اونصة الذهب في عام 1980م كان بسعر 850$ ، وبحساب التضخم خلال 29 سنة نجدها أنها وصلت إلى 162في المائة وهذا يعني إن السعر العادل لأونصة الذهب الواجب إن يكون 2227$ للأونصة في عام 2009م . ختاماً الذهب له تأثير كبير على المجتمع الخليجي ويوازي التأثير الاقتصادي على التجار ، وعملية الشراء والبيع لا تخضع فقط لعوامل الاكتناز أو انه الملاذ الأمن ، وإنما تخضع لعوامل اجتماعية أخرى مثل الزواج والإهداء وهذا البند في السعودية يعني مليارات الريالات تنفق سنوياً .


ليست هناك تعليقات: